-A +A
عبدالله رشاد كاتب
ثمة مشاهد من الماضي غير البعيد لا تزال عالقة في الذاكرة تستجرها إلى السطح مشاهد وأحداث الحاضر. أحداث ثورتي تونس ومصر فيهما مشاهد تكاد لا تختلف كثيرا عن مشاهد الثورة الايرانية ببدايتها. في البداية لا بد من ذكر بعض القواسم المشتركة التي تتشابه كثيرا في وضع الرئيسين المخلوعين التونسي والمصري مع شاه إيران المخلوع من الخميني بثورة شعبية اطاحت به عام 1979م. كلا الرئيسين أمعنا في معاداة الطبقة المتدينة تماما كما فعل شاه إيران منذ أن نصب إمبراطورا على إيران عام 1947 واعتمد كليا على الغرب وتعمق كثيرا في محاولة تغريب المجتمع الفارسي وتحويله للثقافة الغربية. تجربة التغريب، وإن طالت وتزينت لكنها كحال التجربة التركية لم يتقبلها المجتمع. ومن أجل تكريس ثقة الغرب به أكثر فأكثر وإعطائه دور شرطي المنطقة وطد علاقاته مع إسرائيل على حساب العلاقات مع العرب بكل ما يربطهم بالمجتمع الإيراني من روابط. وقد يكون بن علي الأكثر تشابها بالنهج الشاهنشاهي أكثر من نظيره الرئيس مبارك. وواجهت إيران الثورة الخمينية والتي من أسباب نجاحها هو حالة الفساد والنخبوية وفشل أمريكا في قراءة السطور الأولى في الحالة الإيرانية آنذاك، وهو ما كان مشاهدا بصورة واضحة بنظامي الرئيسين المخلوعين. الواقع في النهاية فرض نفسه واصبح الثلاثة خارج السلطة. الثورة الإيرانية سجلت منذ ذلك الكثير من الانتكاسات وأبرزها تدهور الاقتصاد الإيراني، إذ أصبحت الحالة الاقتصادية أشد بؤسا من أيام الشاه فنسبة البطالة ارتفعت إلى 12.5 في المائة، وارتفع عدد السكان إلى 70 مليونا نصفهم دون الثلاثين من العمر وزادت حالات الفقر مع تزايد الإنفاق القوي على بسط النفوذ الفارسي خارجيا. إذن فنحن لا نريد أن تعاني تونس ومصر من تكرار التجربة ولو بشكل آخر، فكلا البلدين لديهما مشاكل اقتصادية تقلق كافة فئات المجتمع هناك مع ضغوط تضخمية وبطالة متزايدة. ولعل أبسطها خسائر القطاع السياحي والذي يقدر بمليار دولار يوميا. إن كلا الدولتين بحاجة إلى جهود البناء وتكريس الثقة وقفل الطريق أمام بعض قوى المعارضة والتي همها الأول القفز إلى السلطة مستخدمة كل الوسائل والشعارات التي توصلها لسدة الحكم، ولكنها ربما ستكون أسوأ في أدائها من سلفها من الأنطمة التي أزيحت. والدولتان أيضا ليستا بغنى من استمرار وقوف المملكة ودول الخليج وكافة الدول العربية معهما من أجل نهضتهما الشاملة والتي ستكون عامل استقرار للجميع.